السبت، 7 مايو 2016

فتاة التلال.. دراما اجتماعية تلفزيونية.. بقلم: جميلة غلالة الحلقة : 4


فتاة التلال..
دراما اجتماعية تلفزيونية..
بقلم: جميلة غلالة
الحلقة : 4
فائزة : ها قد جاء..فكري في عرضه جيدا
مريم : فائزة أيتها العزيزة أنا بقايا امرأة..مريضة نفسيا أكثر منّي
جسديا ..شبح منير يقف حائلا بيني وبين أي إن كان ..ثم ما من
رجل يستطيع أن يفعل ما فعله منيرا لأجلي
(يستمع منذر إلى كلامها الأخير.
يقترب وهو يبتسم)
د.منذر: أنا يا مريم أستطيع أن أفعل كل شيء لأجلك..أنا أحميك وأرعى
ضياء..حتى وإن رزقنا الله بولد ثان أقسم لك أن ضياء هو ابني
البكر..
مريم : أهلا بك يا دكتور..تفضل
د.منذر : لماذا تضعين حاجزا بيننا..ناديني منذر فقط..نحن أهل أليس
كذلك؟
مريم : أجل..أجل وهذا يشرفني
د.منذر: اسمعي يا مريم.. لا تتخذي في الوقت الحاضر أي قرار..سوى
أن كان سلبي أو إيجابي..فكري على مهلك لست على عجلة
من أمري..ما أريده منك هو جوابا مقنعا..
وأعلمي أنني صبور..جدا جدا..لسبب بسيط وأقول هذا السبب
أمام فائزة..ولم أقل هذا الكلام لامرأة في حياتي..أنا أحبك يا
مريم وأتمنى أن أكون أبا عطوفا لضياء وأحميكما من غوائل
الدهر
مريم : أنت شاب تتمناك أحسن الفتيات..و سبب رفضي ليس لشخصك
وإنما لمبدأ الزواج..لأن ما فعله معي منيرا لا يستطيع أي رجل
فعله..سل فائزة تقول لك أي دور لعبه منير في حياتي لقد كان
لي الصديق والمعين والمنقذ والسد المنيع الذي يحميني..أجل
والله ..لقد كان كل هذا للفتاة الريفية البسيطة وهو ابن الجاه
والمال والنفوذ كان كل هذا قبل أن يصبح زوجي
د.منذر : رحمه الله تلك هي شيمته المعروف بها لدى القاصي والداني
أجل والله ابن عمّي فريد من نوعه ..وقد أحبه كل من
عرفه..وتيقني يا مريم أنني والحمد لله أملك الكثير من صفات
منير رحمه الله..
(يبتسم بخبث)
زد على ذلك التحدي..وأنا قابل للتحدي
مريم : يا لك من عنيد ..
ما دمت مصرا ..سأحكي لك قصة بطلتها فتاة ريفية بسيطة
وفقيرة قدمت من أعالي التلال لتواجه الأهوال والمصائب..أما
البطل فهو رجل شهم ابن العز والثراء.. ما رأت عيني شهامة
ولا رجولة ولا أخلاقا مثله سأحكي لك كيف جمعت بينهما
الأقدار وكيف نسجت من خلال ذلك أروع قصة حب..وأعدك
بأنني سأرد عليك بالجواب المقنع الذي ستقتنع به بعد
سماعك لقصتي..
د.منذر: حاضر..سأستمع لقصتك ..وحاضر كذلك للتحدي..
فائزة : لماذا أنت مصرّة على نبش الماضي ؟
أرجوك يا مريم ..الماضي مؤلم فلا تعكري صفوك بهذه
الحكاية كفاك ما تحملين
مريم : لا عليك يا عزيزتي أنا قوية بما فيه الكفاية
د.منذر: إن كان هذا سيزعجك لا تحكي
مريم : لا عليكما ..هذا لا يزعجني ..بالعكس أريد أن أراجع معكما
بعض الذكريات ..حتى وإن كانت مؤلمة..إليك قصتي
(تتنهد بعمق)
لقد فتحت عيني على وضع مؤلم يفتقر إلى أبسط الضروريات
فستان وحذاء..أجل لقد فتحت عيني على ثوب رث
وممزق..وحذاء يفتح فمه للريح والأنواء..فتحت عيني لأجد
فراشي حصيرة ممزقة الأطراف.. ووسادتي صرة من القش..
وحين وعيت وجدت نفسي تحت سقف بيت من الطوب نصفه
متداعي..أثاثه حصيرة وجرّة ماء وحبل فوقه غطاء صوفي
مثقوب وبعض الثياب الرثة ..وفي مدخل الكوخ مطبخ أمي
المتكون من قدر وطاجين وحفرة في الأرض توقد فيها
النار..فتحت عيني لأتجرع مرارة اليتم بين أحضان أمّ ملتاعة
حزينة فقدت معيلها الذي تركها بلا مال ولا آمال..وبين
أحضانها طفلة بريئة باكية لبكاء أمها حزينة لحزنها.
(تتنهد ثانية وتأخذ نفسا عميقا)
كان يوما حفرته المأساة في ذاكرتي..يوم وفاة والدي رحمه الله.
بعد الدفن ذهب كل إلى حاله ..اقتربت من أمي وجثوت حذوها
ومددت يدي الصغيرة لأمسح دمعها..قبلت كفي واحتضنتني
وأخذت تمسح على شعري وهي تردد بصوت تخنقه العبرات..
المشهد:
كوخ من الطوب في قرية
ريفية في أعالي الجبال..
وعلى حصيرة رثة تجلس
امرأة في عقدها الرابع
وهي حزينة وتحضن طفلة
في السادسة من عمرها
عزيزة : أنت حبيبتي وكنزي في الحياة..الحياة التي ظلمتنا وقست
علينا..الله وحده الذي يفتح أبواب رحمته في وجه كل بائس
ومحتاج ..حتما لن ينسانا الله فهو القادر على كل شيء..
مريم : قلت لها بكل براءة الطفولة..
لا تبكي يا أمي سأكبر وسأعمل وسأشتري لك منزلا جميلا
وقطيعا من الخرفان..
ضمتني بقوة واختلطت آهاتنا بدموعنا..في تلك الآونة دخل خالي أحمد
يحمل طعاما وصرّة بها بعض المال قائلا لها:
(أحمد في عقده الرابع
كذلك وتكبره عزيزة
بعامين وهو ريفي في
طبعه ولباسه)
أحمد : إن أهل التل قد تبرعوا لك بمبلغ من المال كي تبتدئ به
حياتك وحياة طفلتك. وغدا أذهب إلى سوق القرية لأشتري لك
ثلاث رؤوس غنم لتعتني بهم ونبيعهم في عيد الأضحى ونجدد
أغناما أخرى وهكذا
وبكت المسكينة من هذا الذل..وفي الغد تركت أمي في انتظار
خالي وخرجت لأجلس تحت ظل شجرة صفصاف..والحقيقة
أنني ذهبت لأبكي والدي..وبكيت بكل جوارحي حتى غفوت
..لست أدري كم مرّ عليّ من الوقت ..لقد أفقت على صوت
خديجة ابنة خالي توقظني.
(الفصل : بداية الخريف..شهر سبتمبر
المشهد: خارجي..أكواخ منتشرة في
قرية تليّة تطل على سهول ومراعي
خضراء..هناك بعض الحيوانات أمام
الأكواخ..هناك حمار مربوط في
شجرة وبعض النسوة يقفن أمام
الأكواخ..يلبسن اللباس التقليدي للجهة
ليس بعيدا عن كوخ عزيزة والدة
مريم شجرة صفصاف ..تظهر تحتها
طفلة ذات 6 سنوات تلبس فستان رث
وممزق وحذاء مفتوح من
الأمام..شعرها مشعث وهي تنام
وقد توسدت يدها وبقايا دموع لم
تجف بعد فوق خدها..تظهر طفلة في
عمر مريم هاربة من طفلة ثانية
تجري في أثرها.. وهما أحسن بقليل
من مستوى مريم ..تتوقفان معا
وتنظران إلى مريم النائمة..تقتربان
منها بهدوء)
خديجة : أنظري إنها مريم ابنة عمتي..إنها نائمة
المسكينة آثار الدموع على خدها
سأوقظها
(تمد يدها وتهزها بلطف وهي تهتف
باسمها)
مريم..مريم..أفيقي يا مريم
(تجلس مريم مذعورة وهي تفرك
عينيها)
مريم : م..م..ماذا هناك؟ ما الأمر؟
خديجة : كنت وفاطمة نتسابق فوجدناك نائمة على الأرض
مريم : فعلا لقد غفوت
فاطمة : تعالي يا مريم..ألعبي معنا..لنتسابق نحن الثلاثة
مريم : لا..لا..لا أريد اللعب.. ألعبا مع بعضكما.. سأكتفي بالمشاهد
(جلس خديجة وتجذب
فاطمة لتجلسها)
خديجة : دعينا نرتاح قليلا ..لقد تعبت من الجري
فاطمة : معك حق ..ولكن لا تنسي أن علينا واجبات المدرسة يجب
انجازها
خديجة : وكيف أنسى الواجبات المدرسية
(التفتت إليهما مريم بعنف
ولهفة)
مريم:ماذا ؟ ماذا قلتما ؟ واجبات مدرسية؟
ألا تعلمين يا مريم ؟ أنا وخديجة نرتاد المدرسة منذ عشرة أيام
مريم : صحيح؟
خديجة : أجل والله
مريم : و..وكيف هي الدراسة هل هي صعبة؟
خديجة : إنها صعبة والله ..والأصعب منها ذلك المعلم الأصلع..إنه
صارم لا نراه إلا والعصا بيده ..أرأيت يا فاطمة كيف ضرب
سالم حتى أدمى يديه؟
فاطمة : بصراحة.. سالم يستحق ذلك العقاب..أما رأيت أفعاله المشينة
أجل ..أجل لقد وضع ورقة في قلمه الجاف ونفخ فيها فجاءت
في عين المعلم
(تضحكان بقوة ثم تتوقفان عن
الضحك وتنظران إلى مريم الساهمة)
مالك يا مريم؟
مريم : حدثيني عن المدرسة يا خديجة..كيف هي ؟هل هي بعيدة ؟
خديجة : أجل يا مريم.. حتى أنني أصبحت أحس بأوجاع في ظهري من
طول المسافة
مريم : لكم أود أن أرتاد المدرسة حتى وإن كانت في آخر السهل
خديجة: انها كذلك يا مريم..ولكن لماذا لا تقولي إلى عمتي ترسمك
بالمدرسة؟
(تقف مريم وتجري بدون توقف نحو
كوخها تتنهد خديجة)
خديجة: مريم ابنة عمتي وأنا أحبها ..سأقول لأمي تعطيني بعض الثياب
لها..المسكينة مات والدها وأصبحت يتيمة
فاطمة : وأنا سأعطيها حذاء وأكتفي بهذا..هيا بنا.. إنها تدخل إلى
كوخها
الى اللقاء في الحلقة الخامسة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق