فتاة التلال..
دراما اجتماعية تلفزيونية..
بقلم: جميلة غلالة
الحلقة : 17
د. منذر : والله يا مريم لم أجد حتى الكلام الذي يخفف من ألمك
ويشفي جراحك
مريم : صداقتك يا منذر ستكون لي خير شفاء
د. منذر : ولكنني أطمح في أن أكون أكثر من صديق..لأخفف عنك
أحزانك..وأشفي آلامك وأكون أبا حنونا لضياء
فائزة : وتلك هي أمنيتي آنا كذلك والله
مريم : ماذا ؟ هل اتحدتما عليّ؟ لنترك هذا الموضوع لأوانه
ولك بقية الحكاية أو المأساة..
د. منذر: تفضلي واصلي
بعدما رأيت فردوس مع هند وسمر واستمعت إلى حديثهن
انتابني الخوف والشك وأخذت أتحاشى الاحتكاك بهما قدر
المستطاع..وكان هذا الخوف في محله..
كان يوما لا ولن يمحى من ذاكرتي مدى الحياة...كنا في قاعة
الدرس في انتظار الأستاذ...وكنت أجلس وسط فائزة ومنال
وقد لاحظنا تهكما وكلاما كله ألغاز من سمر وهند ..همست
منال
منال : لقد رجعت حليمة إلى عاداتها القديمة ..انظري إليهما وإلى
تهكمهما...هل وقفت الآن عند كلامي حين قلت لك أحذري
مريم : يا ويلي مما ينتظرني منهما ..أخاف أن يكون ما بدر
منهما هو الهدوء الذي يسبق العاصفة
فائزة : أجل والله لأن هذه السخرية و طريقة هذا الكلام وأسلوبه
ورائه مصيبة
مريم : خاصة بعد أن انضمت إليهما فردوس
والله لقد ازداد خوفي
منال : الله معك....
تمتمت بصوت خافت...آمين..وبدأ الخوف يشل أطرافي.
في هذه اللحظة دخل الأستاذ..وبدأت المحاضرة
ونسيت كل ما حولي وكل شي وكأن القاعة قد خلت إلا من
الأستاذ ومني...كان يشرح وكنت أدوّن ..وكان السكون يخيّم
على القاعة إلا من همس هند وسمر.فجأة سمعنا صفارة
الشرطة وهي تدخل حرم الجامعة..دبت الفوضى في القاعة
وانقطع الأستاذ عن شرح الدرس وجرى البعض إلى النوافذ
ولدهشتنا رأينا هند وسمر تتعانقان بفرحة وهما ترسلان إلىّ
نظرات شماتة وحقد دفين..لم نفهم سر الفرحة والسعادة التي
غمرت هند وسمر إلا لمّا دخل مدير المؤسسة مصحوبا
بشرطيين ..ارتسمت الدهشة على الوجوه ونحن نشاهد الشرطة
في قاعة الدرس تقدم الأستاذ منهما وهو يقطب جبينه وسال
المدير:
الأستاذ : الشرطة في الحرم الجامعي ؟ خير ؟ما الأمر يا سيادة المدير؟
المدير : ماذا أقول لك يا أستاذ إنه شيء لا يصدق
الأستاذ : ماذا هناك يا سيدي ؟ لقد أقلقتني
المدير : الأمن تلقى معلومات مفادها أن الطالبة مريم عواد تتعاطى
المخدرات وتروجها
تعالت صيحات الدهشة وجمدت أطرافي وانعقد لساني وأخذت
أبحلق في الوجوه كالمعتوهة ..ولم أفق إلا لمّا تلقيت صفعة من
فائزة كي أفيق بعد أن أعياها الأمر وهي تصيح في وجهي
فائزة : أفيقي يا مريم ..تكلمي .....دافعي عن نفسك
تمتم الشرطي. ورجانا الابتعاد كي يبحث في أشيائي
وحولي و بحث...وكانت الطامة وأنا أشاهده يخرج لفافة
وورقة بها قائمة أسماء من درجي..وبنظرة احتقار خاطبني
الشرطي
الشرطي : ألا تخجلين من أفعالك المشينة ؟ كيف سمحت لك نفسك
بتعاطي المخدرات وترويجها؟
مريم : لا لا يا سيدي...أقسم بالله بريئة.
أفائزة : أجل والله يا سيدي مريم بريئة
االأستاذ : أنا على يقين من براءتك يا مريم..من مثلك لا تفعل هذا.
المدير: أجل والله وإحساسي يقول بأنها مكيدة مدبرة.وسأعرف من
ورائها؟ ولكن سيدي الشرطي كيف علمتم أن مريم بحوزتها
المخدرات وتتعاطاها ؟
الشرطي : جاءنا بلاغ هذا الصباح مفاده أن طالبة قادمة من أعالي التلال
تدرس في معهد الصحافة تتعاطى المخدرات وتروجها وقد مدونا
بكل الإرشادات عنها مشكورين.
مريم : أقسم لك يا سيدي بالله العظيم أنا لا أعرف حتى شكلها
أنا بريئة والله يا أساتذتي الأجلاء وليست مريم عوّاد التي
تسيء إلى حرم جامعتها
وحضنني الأستاذ من جهة والمدير من أخرى وقالا :
الأستاذ : لا تخافي يا ابنتي نحن على يقين من براءتك وستقف معك
المؤسسة كلها
المدير : سيدافع عنك أكبر الأساتذة في المحاماة وستظهر براءتك
إن شاء الله
الشرطي : وحتى ذلك الوقت أسمحا لي بالقيام بواجبي ووضع الحديد في
يديها
المدير : ولكنها بريئة و خروجها بالحديد يسيء إلى سمعتها
الشرطي : وهل تعاطيها للمخدرات وترويجها لها لا يسيء إلى سمعتها؟
الأستاذ : من فضلك يا سيدي.. المتهم بريء حتى تثبت إدانته
الشرطي : نعم معك الحق ... لكن واجبي يحتنم على وضع الحديد في يديها
فأرجوكما ..اسمحا لي باتمام عملي فهي متلبسة بالجرم.
المدير : أرجوك لا تفعل..انها بريئة وربي
الشرطي : أنت تحرجني يا سيدي..المسألة كبيرة ولا مكان فيها للعواطف
مسحت دموعي وأنا القي نظرة على سمر وهند و
وقفت شامخة ..مددت يدي إلى الشرطي وخاطبته بشموخ
وعزة نفس.
لا عليك يا سيدي يعلم الله أن مريم عوّاد أنقى من النقاء وأطهر
من الطهر..وستظهر براءتي إن شاء الله..قم بواجبك يا سيدي
همست فائزة
فائزة : لا تخافي يا مريم ...كلنا معك وقد اتصلت بمنير وقد سبقنا إلى
مركز الشرطة مع المحامي
وهنا تقدمت سمر وكأنها نمرة هائجة أشارت إليّ وقالت
سمر : الآن تذرفين دموع التماسيح...وتمثلين دور البريئة المظلومة
والحال أن الدور الذي تستطيعين التأقلم معه هو دور القروية
راعية الغنم ..رثة الثياب حافية القدمين وليس دور الأديبة التي
فاقت شهرتها بين يوم وليلة حدود البلاد..
وتقدمت هند وأشارت إلي بحقد وقالت
هند :أجل يا سمر هي تستطيع خداع كل العالم إلا هند وسمر
أنت إنسانة وقحة خربت بيت آواك وعضضت يد امتدت لك
بالخير...
سادتي زملائي:
هذه القروية الوسخة خطفت من صديقتي زوجها وهي على
أبواب الطلاق
وارتسمت الدهشة على الوجوه وسرت همهمة بين الزملاء
والزميلات ..بين مصدق ومكذب..وتمعّن المدير في هند وسمر
وأشار المدير برأسه أسفا ووجه كلامه إلى سمر وهند وقال:
المدير : الآن عرفت بيت العلة.. والشيء من مأتاه لا يستغرب أنتما
عديمتا التربية والأخلاق
سمر : قل ما شئت يا سيدي..فمريم عوّاد لحست عقولكم بخبثها..وهذه
القضية ستريحنا منها وإلى الأبد
هند : أجل والله سيريحنا الله من جرثومة تفشى سمها ولعقه الجميع
وأنت واحد منهم سيدي المدير
المدير : الآن أغربا عن وجهي ولن أسمح لكما بدخول الحرم الجامعي
قبل ظهور براءتكما.. الآن أصبح عندي الشك يقينا
قم بواجبك سيدي فأنا وراءك بسيارتي
الأستاذ : هيا معي سيد المدير في سيارتي فأنا لن أدع مريم تجابه هذا
المصير الأسود وحدها
المدير : شكرا يا أستاذ هذا ما يزيدني يقينا ببراءة مريم.
وأخذوني إلى مركز الشرطة مكبلة بالحديد..وورائي نعوتا
شنيعة لا ينعت بها إلا المجرم الفاسق الخارج عن القانون
د.منذر : لا حول ولا قوّة إلا بالله..ما هذا النحس الذي لازمك يا مريم؟
وكيف وصلت بهما الدناءة لحد اتهامك بتلك الجريمة الشنعاء؟
فائزة : إن كيدهن عظيم يا منذر
مريم : أجل والله إنه عظيم لم يخطر ببالي لحظة واحدة أن حقدهما
الدفين تجاهي سيقودهما إلى الإساءة إليّ بهذه الطريقة وقد كان
الأمر صعبا للغاية وله تأثيرات سلبية على نفسيتي
طبعا يا مريم وهل في ذلك شك؟..وكيف خرجت من هذا
الشرك؟
مريم : بعون الله أولا... ثم ببوقوف منيرا بجانبي وشد أزري ...ثم
بشهادة الأساتذة ومدير المؤسسة وفائزة ومنال.. وإليك ما
جرى و قد سرده منير على مسمعي وكان يحكي لي وكأنني
في غيبوبة من هول ما أسمع....لقد بدأ استنطاق مدير المؤسسة
والأستاذ أولا حيث نادي الشرطي عليهما وأستمع إلى
شهادتهما وأليك ما جرى:
الضابط : مرحبا بكما ..تفضلا بالجلوس أرجوكما
الأستاذ : شكرا لك سيدي
المدير : شكرا
أالضابط : رأيت يا سيد المدير نتيجة التسيّب وعدم الحزم مع الطلبة..لقد
أصبح الحرم الجامعي وكرا للفساد وبيع المخدرات
المدير : مع احترامي لرأيك يا سيدي مؤسستي هي فوق كل الشبهات
وهي مؤسسة لها تاريخ وتخرجت منها أقلاما فذة كلامها
رصاص يهد البنيان ولهم باع في عالم الصحافة..
وما صار فهو لا يتعدى أن يكون مكيدة مدبرة تجاه الطالبة
مريم عواد التي ستظهر براءتها وينصفها القانون لأنني على
يقين من براءتها
الأستاذ : وأنا كذلك..وليست المرّة الأولى التي تتعرض فيها مريم
للإساءة
الضابط : ولكن لماذا تتعرض دائما للإساءة ؟
المدير : لأنها نابغة ولأنها موهوبة..ولأنها أديبة فاقت شهرتها حدود
البلاد ..ولأنها ريفية
الضابط : وهل هذه الأسباب تجعل زملاءها يحقدون عليها ويكيدون لها
المكائد؟
أجل سيدي ويا لها من مكائد..
شكرا لكما تفضلا ..أيها العون صاحب السيدان وادخل زميلتيها
تفضلا ..مع السلامة..أنتما..منال وفائزة ..أدخلا
منال وفائزة : شكرا
الضابط : أجلسا ..
منال وفائزة : شكرا سيدي
الضابط : أتبكيان لأجل مروجة المخدرات؟ حتما لقد خدعتكما بطيبتها
الكاذبة
فائزة : لا يا سيدي وحق الله.. مريم هي النقاء والطهر والشرف
والترفع عن كل ما من شأنه أن يسئ إليها..هي بسيطة في
بساطة أهل الريف و في نبل أخلاقهم
الضابط : مع الأسف يا آنستي أنت تمدحين إنسانة بعيدة كل البعد عن تلك
التي ضبطت متلبسة
منال : والله يا سيدي مكيدة مدبرة من سمر وهند
الضابط : من هما هند وسمر ولماذا تكيدان لها؟
فائزة : لأن الله منّ عليها بكل شيء..الخلق..والأخلاق ...والذكاء
والنبوغ..وهذا الشيء لم يرض هند وسمر..حيث نهشت الغيرة
قلبيهما ولم تستوعبا الأمر ...فكيف لقروية مثل مريم أن تصل
إلى ما وصلت إليه
الضابط : وإلى أين وصلت..أليست طالبة مثل بقية الطلبة؟
فائزة :نعم هي طالبة يا سيدي..ولكنها أديبة وشهرتها فاقت حدود
البلاد وقد اشترت منها مؤخرا شركة إنتاج سمعي وبصري
قصة هي الآن تصوّر مسلسلا للتلفزيون
الضابط : لقد بدأ الشك ينتابني بأن تكون الفتاة مظلومة وأن في الأمر
مكيدة وقد وجهت قائمة الأسماء المصحوبة للمخدرات لإجراء
بحث على أصحابها ..ونحن في انتظار النتائج لنتأكد إن كان
الأمر مكيدة كما أكد الجميع
منال : هذا الشيء أنا متحققة منه ..وأن من كاد لمريم هما هند وسمر
الضابط : القانون لن يتسامح مع كل من تخوّل له نفسه اتهام الغير باطلا
وإن كانت مظلومة سينصفها القانون لا محالة
فائزة : سيدي..من فضلك أريد أن أقابل مريم كي أرفع من معنوياتها
وأحسسها بأننا وكامل المؤسسة الإعلامية إلى جانبها
الضابط : انتظرا خارجا ريثما أنهي التحقيق مع هند وسمر ومنير
قائزة : شكرا لك يا سيدي
الضابط : أيها العون أصحبهما إلى الخارج وأدخل منير أولا وحاذر من
المشاكل بين الفتيات
لا عليك يا سيدي لقد وضعت هند في مكتب وسمر في مكتب
وذلك لما سمعته من تورطهما في هذه القضية واتقاء للمشاكل
مع السلامة أنتما... تفضل يا سيد منير.
منير : شكرا لك أنا مصحوبا بالمحامي
الشرطي : تفضلا بالدخول
الضابط : مرحبا تفضلا أجلسا
منير : شكرا سيدي هذا محامي مريم
أهلا وسهلا بكما ..
سيد منير..ما هي علاقتك بمريم ؟
منير :هي أديبة وأنا مدير أعمالها
يبتسم الضابط بتهكم
الضابط : فقط..؟ ولكني سمعت سيناريو آخر
يرد منير بابتسامة تهكم
منير : وما هو هذا السيناريو؟
الضابط : بأنك على أبواب الطلاق بسببها
المحامي : اسمح لي سيدي بالتدخل..حياة السيد منير الزوجية مخلخلة من
منذ ما يقارب الثلاث سنوات وقد قدمت له قضية أولى في
الطلاق سحبناها إثر تدخل بعض الأصدقاء والأقرباء..ثم
تدهورت الأمور من جديد نظرا لأطماع الزوجة ورفض السيد
منير لمطالبها..ومعي الأوراق التي تثبت ذلك
منير: وبذلك تصبح مريم عوّاد بريئة من هذه التهمة
مثل ما ستظهر ان شاء الله براءتها من تهمة المخدرات
المحامي : سيدي هل لي بمقابلة مريم عوّاد ؟
الضابط :لحظة من فضلك..هي هنا وراء هذا الباب...أيها العون افتح
الباب لمريم عواد
يفتح العون الباب وينادي مريم
الشرطي : حاضر سيدي ..تعالي يا مريم وتحدثي مع محاميك والسيد
منير
وما أن سمعت اسم منير حتى دبت في جسمي قوّة خارقة
وخرجت إليه ..ارتميت في حضنه ولم أعد أعمل حسابا لأي
إن كان أو لأي شيء..مرّت ثوان ثم تخلصت من ذراعيه
ونظرت في عينيه وقلت له
مريم : هل تصدق أنني أتعاطى المخدرات وأروّجها؟
منير : أشك في نفسي يا مريم ولا أشك فيك ..هذا محاميك لا تخفي
عنه شيء
المحامي : من برأيك يا مريم يكرهك كل هذا الكره حتى يلفق لك هذه
التهمة الشنيعة؟
مريم : لست أدري...الأسماء تتراقص في ذهني..ولكن أخاف أن أكون
ظالمة واتهمهن باطلا
المحامي : اسمعي يا مريم ضعي عواطفك في ثلاجة..ولا أخفي عنك
الأمر أنت في وضعية محرجة جدا
منير : رجا يا مريم كفاك طيبة ...وفكرّي فيما ينتظرك
أجل يا مريم..فعقاب هذه الجرائم يصل إلى 20 سنة سجنا
ارتعدت فرائصي وصحت
مريم : أنا بريئة أمام الله وضميري..
المحامي : تكلمي يا مريمولا تخفي عني حتى أتفه الأشياء فأنت في وضع حرج
منير : قولي كل شيء يا مريم وإياك إخفاء الأشياء ففائزة حكت لي ما جرى بين ثلاثي الشر
الضابط : في من تشكين يا مريم؟
مريم : أنا ....أنا أشك في سمر وهند و....
منير :قلت لك تكلمي أنا على علم بكل شيء
و....ومن يا مريم؟
مريم : وفردوس
الى اللقاء مع الحلقة 18

ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق