السبت، 7 مايو 2016

فتاة التلال.. دراما اجتماعية تلفزيونية.. بقلم: جميلة غلالة الحلقة: 19



فتاة التلال..
دراما اجتماعية تلفزيونية..
بقلم: جميلة غلالة
الحلقة: 19

مريم : اليك بقية القصة....
لقد كان يوما من أجمل أيام حياتي..خرجت فائزة مع أمي
لقضاء بعض الشؤون..وقد اعتذرت منهما وبقيت في البيت
لإنهاء بعض العمل المتأخر نظرا للأحداث التي مررت
بها..كنت منهمكة في الكتابة ولم أنتبه لمنير كيف ومتى
دخل..رفعت رأسي فوجدته واقفا بالباب يتأملني بحب..وقفت
مذعورة من هول المفاجأة ولكنه احتواني بذراعيه وضمني
إليه بقوّة وهو يعتذر لأنه أخافني..أجلسني برفق وترك يده على
كتفي وهو يضغط عليه ثم رفع ذقني كعادته ونظر مباشرة في
عيني وقال:
منير : حبيبتي..اليوم بعد أن سقطت تلك الحواجز التي كانت تفصلنا
وبعد أن قاسيت كل أنواع العذاب..اليوم آن لك أن ترتاحي من
عناء تلك السفرة المتعبة..اليوم آن لك أن تتذوقي طعم السعادة
الأبدية ..فهل تقبلين الزواج مني يا أميرتي؟
مريم : ماذا أقول لك يا منذر تمنيت أن أنطّ فرحا كالطفل الصغير
تمنيت أن أقول له بصوت يسمعه العالم بأسره ..أحبك ..أحبك
وأقبل العيش تحت سقفك حتى خادمة أخدمك...تمنيت أن أقول له
إنه الهواء الذي أتنفسه وبدونه أختنق...تمنيت...وتمنيت
ولكن عوض عن ذلك..وقفت مذعورة..كانت دموعي كالشلال
وكانت الدهشة مرتسمة على وجهه .. جلست القرفصاء أمامه
وأخذت يده بين يديه وخاطبته برجاء.
يا ليتني أستطيع أن أناديك حبيبي..يا ليتني أستطيع ان اقبل
الأرض تحت قدميك..ولكن
ووقف مذعورا وهو يردد:
منير : لكن ؟ لكن ماذا يا مريم ؟ 
هل مازال بيننا لكن ؟ قولي بربك لقد أقلقتني ...هل من
مانع؟
مريم : رجاء اهدأ يا منير..
منير : وكيف اهدأ يا مريم ؟ وأنت تضعين حاجزا بلكن هذه
مريم : وإنه لحاجز والله يا منير ..واسمه الفارق الاجتماعي..بل
الفوارق الاجتماعية.
رأيت مسحة من الحزن تكسو وجهه وقال بهدوء:
منير : وما هي هذه الفوارق يا سيدتي ؟
مريم : لا تنجر وراء عاطفتك يا حبيبي..أقولها لأنك حبيبي ...ولكن
مهما كان مقدار الحب الذي أحمله لك..لن أنسى نفسي ومن
أكون...
منير : ومن تكونين يا..يا حبيبتي؟
مريم : أنا فتاة ريفية فقيرة قادمة من أعالي التلال..أما أنت ...فأنت
سيّد.. لك اسم كبير وعائلة ما شاء الله متفرعة أصحاب مراكز
ونفوذ..وجاه ومال..فكيف يلتقي مسارنا ؟ خاصة ونحن نعيش
في مجتمع تلفه المظاهر الخداعة ويطغى عليه تكالب المادة
ضحك منير كما لم يضحك في حياته والحال أنني لا أرى ما
يضحك في الأمر سألته:
مريم : هل في الأمر ما يضحك؟
أشار نعم واحتواني بذراعيه...ووضع جبينه على جبيني وأخذ
يدغدغني بأنفه قائلا :
منير : ما كنت أعلم أن حبيبتي ساذجة..
وأخذ شفتي بين شفتيه في قبلة رقيقة وطويلة.شعرت من خلالها
أن الأرض تميد تحتي ..ومن خلال قبلته سقطت كل الحواجز
التي بنيتها من أوهامي وخوفي.. رغم أنني في داخلي كنت
متيقنة من حب منير الجارف نحوي..نظر إلي بخبث ثم قال:
منير : والآن يا حبيبتي الساذجة...هل سقطت تلك الحواجز المصنوعة
من أوهامك؟
مريم : ولكن...
هل ما زال عندك لكن؟ إذن يجب أن أعيد الكرّة
مريم : لا لا يا منير أرجوك كفاك تهورا.. أمي وفائزقادمتان
جذبني الى حضنه ضاحكا..
منير : دائما تجدين لكل شيء عذرا..وإليك قراري وليس رجائي
سأتزوجك يا مريم رغما عنك..سأرعاك يا مريم ...سأدللك
وسيكون مهرك غاليا ..قلبي ...وروحي وعمري
سلمت روحك وعمرك يا حبيبي..أنا التي تفديك بكل غال
ونفيس...أنت الهواء الذي أتنفسه وبدونه أختنق...وأنت روحي
وبدونها أموت..وأنا أقبل أن أعيش تحت قدميك حتى خادمة لك
بل أميرة توجتها على عرش قلبي...ستكونين أميرتي وحبيبتي
وأم أطفالي..ستملئين حياتي بهجة وبيتي أطفالا ..
وهذه المرّة أنا التي ارتميت في حضنه باكية
وغبنا في قبلة محمومة أفقنا من خلالها على جرس الباب
تمتمت مذعورة
مريم : يا الله يا منير لقد رجعت أمي وفائزة
منير : اهدئي وأجلسي إلى مكتبك ...وكل شيء سيكون بخير
ذهب منير وغاب لدقائق ثم رجع مع أمي وفائزة
اندفعت نحوي أمّي وقد فتحتلي ذراعيها وهي تزغرد
جليلة : يا للبشرى السعيدة ...الحمد لله ....أنا أسعد مخلوقة على وجه
الأرض...تعالي ...تعالي إلى حضن أمك يا عزيزتي..
فائزة : مبروك يا مريم كم أنا سعيدة بهذا النبأ السعيد
مريم : شكرا لك يا أمي شكرا لك يا أختي..وأتمنى أن يوفقني الله
وأعوض منيرا عن كل ما قاساه
وهنا غمز منير وقال وهو يحضنني ويضغط على كتفي
منير : أنا على يقين من أنك ستسعدينني وسأذوق معك طعم السعادة
الحقيقية والهناء
منذر : يا لروعة هذا الحب يا مريم
فائزة : أرأيت يا منذر..مريم ومنير نسجا معا قصة من أروع قصص
الحب
منذر : أجل والله ...
فائزة : لست أدري إن كان منير قد صارحك بأنه في ذلك اليوم كان
غيابنا متعمدا وباتفاق معه
مريم : أجل.. لقد صارحني أمام أمي وضحكنا طويلا...وصدقا لم
يخطر ببالي أبدا أن المسألة مطبوخة
منذر : وأين كان الزواج ؟ هنا أم في التل ؟
مريم : ماذا سأقول لك يا منذر..ستصيبك الدهشة من عظمة منير
والعظمة لله.. انتهت السنة الجامعية وكنا فقط ننتظر النتائج
حتى نغادر ..ويومها لم يأت منير بل اتصل بي وأعلمني
بأن له عمل مع شركات أجنبية وهو ملزوم بتناول الطعام
والسهر خارجا وكان إحساسي ينبئني بأن أمي وفائزة تخفيان
عني أمرا مهما..و في الغد رجع منير وأعلمنا بأننا سنرافقه إلى
زفاف صديقه في نزل فاخر وطلب منا التجمل والتأنق وهمس
في أذني وهو يحضنني
منير : أريدك غدا أن تكوني الأميرة وقد جلبت لك فستانا حتما
ستكونين فيه أميرة بحق وستغار من جمالك العروسة
كنت أظنه يهمس ولدهشتي فقد استمعت أمي إلى كلامه
وأردفت قائلة:
جليلة : اطمئن يا منير سنذهب ثلاثتنا إلى الحلاقة وستكون فخورا
بمريم
منير : دعيني ألثم جبينك يا غالية فلا غيرك يفهم ما في نفسي
جليلة : أيها المشاكس ..ألست ولدي؟ غير أنني من الآن فصاعدا
سأسلم المشعل إلى مريم..
مريم : ولم أفهم أنهم كانوا يرسمون لشيء...وأي شيء يا منذر !
منذر : هل أن الزفاف خدعة ؟
مريم :لا تحرق الأحداث يا منير ..ستعرف ما فعل بي هذا الثلاثي 
فائزة ضاحكة : لقد راجانا منير بأن نتعاون معه بكتمان السر.
مريم : يا له من سر يا فائزة
أجل لقد كان في قمّة الروعة
واصلي يا مريم سرد الحكاية لقد شوقتني
مريم : كان موعدنا مع منير في الخامسة حيث سيأخذنا من أمام
الحلاقة..حتى أننا أخذنا لباسنا وقد وقفت فائزة وأمي على
زينتي حتى أنني مازحتهما بقولي ..إن كان هذا لحضور زفاف
فكيف سيكون يوم زفافي؟..وانتهت الحلاقة ولبست الثوب الذي
أحضره لي منيرا وارتسمت على وجهي الدهشة وأنا أردد في
نفسي و أنظر من خلال المرآة...هل هذه مريم فتاة التلال؟ لا لا
هذه أميرة لا ينقصها إلا التاج ..
وكأن فائزة قد استمعت إلى ما همست به في داخلي لقد
صاحت:
فائزة : يا الله ما أجملك يا مريم ! أنت ملكة لا ينقصها إلا التاج !
ولدهشتي أسرعت الحلاقة ووضعت تاجا على رأسي وذلك
تحت تمنعي قالت أمّي
جليلة : أرجوك يا مريم دعيها تزيّنك كي يفتخر بك ولدي
وأخذت تتلو المعوذتين وهي تصلي على النبي..ولم أصدق ما
أرى في المرآة ..هذه فعلا ملكة على عرشها بتاجها وثوبها
الأبيض بذيله الطويل..هذه الملكة لا تمت بصلة إلى تلك الفتاة
الريفية ذات الثياب الغير متناسقة والضفيرة التي تتدلى على
ظهرها..وأفقت من شرودي على صوت منبه السيارة..لقد
حضر منير..ويا له من منير ! لقد وقفت مثل صنم لا أعي ما
حولي وأنا أرى منيرا ورغم اعتيادي على أناقته إلا أن ما أراه
اليوم فاق كل حدود التصوّر..حتى أنني قلت في نفسي أيعقل أن
يكون كل هذا لأجل زفاف صديقه؟وماذا سنفعل في زفافنا؟
أفقت من شرودي لأجده يقف وقد فتح فمه دهشة وهو يرى ما
أنا عليه من أناقة..جرى نحوي فاتحا ذراعيه وهتف:
منير : ياااااااااااااا الله...ما أجملك يا عزيزتي هل أنا في حلم ؟
جليلة : رويدك..لا تفسد زينتها
فائزة : اسمع يا منير لا تقف هكذا تبحلق في مريم..الوقت يمر و......
منير : صدقا يا فائزة أنا فخور بك يا حبيبة القلب..دعيني ألثم جبينها على
الأقل
ولثم جبيني وهمس...
منير : يا الله يا حبيبتي..كم أود أن أخطفك وأطير..أنت ملكة ولكن
ملكتي أنا وحدي
وضحكنا منه..وزمجرت أمي
جليلة : لا تنسى أننا نقف في الشارع ...العيون ستأكلنا...ثم لا تنسى
الحفل
جرى وفتح باب السيارة الأمامي..وساعدني حتى أخذت مكاني
بينما ركبت أمي و فائزة في الخلف..مشينا مسافة فإذا بمنير
يخاطب فائزة
منير : هيّا يا فائزة..أبدئ عملك
فائزة : هل حان الوقت؟
منير : أجل كدنا نصل
فائزة : اسمحي لي يا مريم سأضع عصابة على عينيك
مريم : ماذا ؟عصابة على عينيه؟ ولماذا وهل سأدخل إلى حفل الزفاف
معصوبة العينين؟
منير : لا نقاش يا مريم. امتثلي للأوامر فقط
مريم :هل هي مؤامرة يا أمي؟
جليلة : امتثلي للأوامر يا مريم..
مريم : ما دامت أمي وسط المؤامرة فلا بأس...قومي بعملك يا فائزة
ووضعت فائزة العصابة وأحكمت ربطها ولم تترك لي ولو
بصيصا ضئيلا من النور..وواصلنا سيرنا وهما يتكلمان عليّا
بالألغاز..أخيرا هتف منير:
ها قد وصلنا يا حبيبتي جهزي نفسك للمفاجأة
الى اللقاء مع الحلقة ال20

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق